القهوة ليست مجرد مشروب صباحي يوقظ الحواس، بل هي ثقافة متجذّرة، وحكاية ممتدة من مزارع البن في المرتفعات إلى المقاهي العصرية في قلب المدن. يحتفل العالم في 1 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للقهوة، وهو مناسبة لتعزيز الوعي بدور القهوة في المجتمعات والاقتصادات، وإبراز قيمتها الثقافية والإنسانية.
تاريخ اليوم العالمي للقهوة
أقرّت المنظمة الدولية للقهوة (ICO) اليوم العالمي للقهوة لأول مرة في عام 2015 بمدينة ميلانو الإيطالية، ليصبح مناسبة رسمية تُسلّط الضوء على ملايين المزارعين الذين يقفون خلف كل كوب قهوة نتذوقه. ومنذ ذلك الحين، انطلقت فعاليات في كل أنحاء العالم من محاضرات ومعارض إلى مهرجانات تذوّق وابتكارات جديدة.
القهوة من الجزيرة العربية إلى العالم
بدأت القصة من اليمن في القرن الخامس عشر حيث انتشرت القهوة من ميناء “المُخا” إلى مكة والمدينة ثم إلى إسطنبول، ومنها إلى أوروبا والعالم أجمع. ولهذا نجد كلمة “قهوة” أصلها عربي، تحولت في تركيا إلى “كهفه”، وفي إيطاليا إلى “كافيه”، ثم بالإنجليزية إلى “Coffee”. هذا الانتشار جعل القهوة رمزًا للتواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب.
رمزية القهوة في المجتمعات
- في الجزيرة العربية: القهوة جزء من الكرم العربي والأصالة.
- في أوروبا: كانت المقاهي ملتقى الأدباء والمفكرين.
- في أمريكا اللاتينية: أصبحت زراعة البن أحد أعمدة الاقتصاد.
كل مجتمع صاغ حول القهوة طقوسه الخاصة، من فناجين صغيرة مزخرفة في الخليج، إلى أكواب كبيرة من اللاتيه والكابتشينو في الغرب.
تأثير القهوة على الاقتصاد العالمي
القهوة اليوم هي ثاني أكثر سلعة تداولًا بعد النفط. يعمل في زراعتها وتجارتها أكثر من 25 مليون مزارع حول العالم. بلدان مثل البرازيل، كولومبيا، إثيوبيا، وفي السنوات الأخيرة السعودية واليمن، تمثل ركائز أساسية في سوق البن العالمي.
القهوة المختصة في العصر الحديث
في السنوات الأخيرة، ظهرت حركة القهوة المختصة (Specialty Coffee)، التي تركّز على الجودة العالية، الشفافية في سلسلة التوريد، والاهتمام بالمزارعين. صارت المقاهي تعرض معلومات دقيقة عن المحصول، المزرعة، وطرق التحضير مثل V60، كيمكس، الإسبريسو، مما جعل تجربة القهوة أكثر ثراءً من مجرد شرب مشروب.
اليوم العالمي للقهوة: أكثر من مناسبة
اليوم العالمي للقهوة ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة إلى:
- دعم المزارعين: عبر شراء القهوة المستدامة والعادلة.
- تعزيز الثقافة: نشر الوعي بتاريخ القهوة وأثرها.
- التجربة والابتكار: تجربة أدوات جديدة، وصفات مبتكرة، ودمج القهوة مع الفنون والكتب.
اليوم العالمي للقهوة مناسبة لتجديد علاقتنا مع هذا المشروب الساحر، والتأمل في الرحلة الطويلة التي قطعها من حبة صغيرة خضراء إلى فنجان يملأ قلوبنا بالدفء والإلهام. كل رشفة قهوة تحمل تاريخًا، ثقافة، وتعب أجيال من المزارعين.